على المراكب أن تأخذ الأطفال إلى شيءٍ آخر | شعر

طفلة نازحة إلى رفح بسبب الحرب الإسرائيليّة، 31/12/2023 | عبد زقّوت.

 

هناك بترٌ في كلّ مكان

 

لا أعرف لماذا لا تزال الأزهار تنبت في الحدائق

عليها أن تنبت في أماكنَ أخرى

داكنةٍ

مخيفةٍ

مظلمة

عليها أن تنمو في إطارٍ آخرَ

أن تنمو لتصير أياديَ وأقدامًا

لتصير بيتًا

أو ضحكةً

على الأزهار أن تغيّر طريقها

وتنمو

تنمو

تنمو

في أماكنَ جديدةٍ للأبد.

 

هناك بترٌ في كلّ مكان

ولا أعرف لماذا لا تزال الموسيقى تخرج من الآلات

لماذا تتحدّث الآلات؟

على الموسيقى أن تخطو

تخطو

لتصير صراخًا

أو رجفةً

أو دمعةً

على الدموع أن تصير موسيقى

على الرجفات أن تستحيل أصواتًا

مستمرّةً وعالية

أصواتًا لا تمكث في مكانٍ

لا تهدأ

على الموسيقى أن تغيّر طريقها

وتصرخ

تصرخ

في أجسادٍ جديدة

إلى الأبد

 

على تردّدات الراديو

أن تغيّر طريقها

عليها أن تصير عناقًا

أو سحابةً

عليها أن تتعاطف

وتبكي

عليها أن تتشكّل

لتصير مكتبةَ أطفال

أو رسائلَ أمّهات

 

على الكتب أن تغيّر طريقها

لتصير طعامًا

أو مراكبَ للعبور

نحو بحرٍ آخرَ

لا نعرفه

 

على المراكب

أن تأخذ كلّ الأطفال

نحو شيءٍ آخرَ

غير الغياب

والبلل

والوداع

 

كلّ الأبواب المغلقة

عليها أن تصير فضاءً

ونركض

نركض

دون أن يقتلنا أحد

 

*

 

في قلبي رجفة

 

غزّة

في قلبي رجفةٌ مستمرّةٌ باسمكِ

أيّتها الآمال الّتي وقعتْ من أساطيح الجيران

 

أيّتها الشوارع الباكية

والعيون المهمومة

أيّتها المراكب الّتي لا تنقذنا

أيّتها الدواوين الّتي لا تكتبنا

 

رجفةٌ مستمرّةٌ باسمكِ

أيّتها الرقّة الّتي في دموع الأطفال

لقطع البسكويت الّتي وقعتْ من أفواهكم

 

رجفةٌ

مستمرّةٌ

باسمكِ

للخيام المضطربة

والجراح الّتي تسقط من زجاجات المطهّرات

 

أيّتها الجراح العالية

انبسطي

وتخدّري

فوق هذا الخراب الأوسع من انهيار البيت

الأوسع من بكاء الشارع على أقدامٍ تعوّد مِشْيَتَها

الأوسع من ارتباكات الذاكرة

والأوسع من أحضان الأمّهات اللّواتي لا يأتي إليهنّ أحد

لقد مات الجميع في الطريق إلى العناق

مات الجميع في الطريق إلى البيت

مات الجميع في الطريق إلى الأمّ

 

هناك رجفةٌ مستمرّةٌ باسمكِ

أيّتها النيران الجائعة

الّتي تشتعل في كلّ مكان

في كلّ خيالٍ

في كلّ خيطٍ

في كلّ مدًى

 

هناك رجفةٌ مستمرّةٌ باسمكِ

يا أمّي

 


 

نور بعلوشة

 

 

 

كاتبة فلسطينيّة من قطاع غزّة، تقيم في السويد؛ تعمل في مجال حقوق الإنسان؛ حاصلة على ماجستير في الشرق أوسط من «جامعة ستوكهولم»، وهي عضو «اتّحاد كتّاب فلسطين».